إستاتيكية الفكر بين الأباء والأبناء.. بقلم: سهاد الخضري
بين تعاقب الأجيال وإيمان الأب بسطحية أفكار أبناءه وأقتناع الأبناء بعدم مقدرة الأباء على فهم أفكارهم وطموحاتهم وتوقفهم عن تقبل الرأى الأخر و التعامل مع كل ماهو حديث من تكنولوجيا متطورة تظهر المفارقات المستمرة بين الأباء والأبناء وتزداد الفجوة حيث تظهر بكافة أشكالها العمرية و الفكرية والثقافية هذا بالإضافة لإختلاف العادات والتقاليد.
فهناك أعتقاد راسخ لدى بعض الأباء بأن أى تصرف سيقوم به الأبناء سيكون خاطئ وعدم الإستماع إليهم بالإضافة لإهانتهم أمام زملائهم والأخرين مما يؤدى لبناء جسور من الكراهية والبغض للأباء لأنه قام بإهانته أمام الأخرين وهذا جرح لكرامته وكبريائه لايمحيه إلا الإبتعاد أو الرد عليه بموقف مماثل وهذا بالطبع تصرف خاطئ لأن للأباء إحترامهم ومكانتهم مهما أصدروا من تصرفات قد لا نكون راضين عنها.
.
حيث تعتبر الفجوة العمرية أكثرهم تأثيرا فقديما كان الفرق فى العمر بين الأب وأبنائه من 15_20عام أصبح الأن من 30_35عام وهذا يرجع للظروف الإقتصادية والإجتماعية وتأخر سن الزواج.
فالتباعد العمرى أدى لتباعد ثقافى وفكرى وأختلاف العادات والتقاليد العربية الأصيلة التى فقدها الكثير من أبناء هذا الجيل الذى أصبح يجرى وراء الفضائيات والنت.
وتغير لغة الحوار فأصبحت اللغة السائدة هى اللغة الدارجة والتى تفتقد للرقى والإحترام .
فنجد الكثير من شباب اليوم يتحدث مع والديه بلغة ركيكة أشبه باللغة التى يتم التعامل بها فى الشارع مما يقلل من إحترام الوالدين حتى وصل الأمر لفقدان لغة الحوار بين الكثير من الأباء والأبناء لأنها غالبا ما تسفر عن جدال وعدم الوصول لحلول لأية مشكلة فعلى العكس من ذلك تزداد الأمور سوءا.
فمشكلة الكثير من أبناء هذا الجيل أن طموحه وأحلامه أكبر بكثير من إمكانياته مما يدفعه للتمرد على ظروف أسرته وبلده والتمرد على كل ماهو قديم من أفكار وعادات ممايؤدى لزيادة المشكله وتصميمه على السفر للخارج وأن يحيا مع أناس يقدرون قيمته وأفكاره والإبتعاد عن المجتمع المتخلف الذى عاش فيه طوال عمره السابق.
أما عن أسباب هذه الفجوة متعددة ومنها الظروف الإقتصادية والتى أدت فى الكثير من الأوقات إلى إضطرار الأباء للسفر للخارج وذلك لتلبية طلبات أبنائهم وتوفير مستوى معيشى جيد، والظروف الإجتماعية التى أدت البعض للسفرلإثبات مكانتهم العلمية وترك أبنائهم فى بلدهم حتى لا يختطلوا بالثقافة الغربية فإنعكس ذلك بالسلب حيث أدى لزيادة الفجوة بين الأباء والأبناء ولجوء البعض منهم للبحث عن البديل الذى يمكنهم من التحدث معه وتقارب وجهات النظر.
كما لعبت الظروف السياسية دور هام فالكثير من الأباء يشعر أن هناك بعد ثقافى كبير بينه وبين أبنائه حيث يرى أبناء الجيل السابق أن أبناء الجيل الحالى ليس لديه أى بعد سياسى ولا يعلم عنها شئ وأن وجهة نظره تقتصر على الإهتمام بكل ماهو مسلى وعدم التعمق بالواقع والتعامل مع القشور فقط.
فأصبح شباب اليوم يعيش فى عالم أخر هو عالم الفضائيات و النت حيث يصفه بأنه عالم شبه متكامل مما أدى فى كثير من الأحيان لإنعدام لغة الحواروتباعد المسافات أكثر مما أدى لعدم تبادل العاطفة بين الطرفين وأصبحت العلاقة مادية بحته لمجرد أن يجد الأبن أو الأبنه من ينفق عليه سواء أثناء الدراسة أو حتى بعد التخرج إنتظارا لفرصة عمل ولا يكلف نفسه البحث الجدى عن وظيفه تلبى إحتياجاته المادية والمعنوية .
فبعض الأبناء كل علاقته بالمنزل هو مجرد فندق للنوم فقط والإختلاء بالنت والكمبيوتروعدم الإرتباط بالأسرة أوالواقع الفعلى.
بالإضافة لذلك تسلط الكثير من الأباء وعدم إستماعهم لمشاكل أبنائهم وعدم إعطائهم الفرصة للمشاركة بإبداء الرأى فعند التدخل فى أمر ما يصفونهم بأنهم غير أهلين لإبداء الرأى فهم مازالوا صغار أو تضخيم الأمور التافهة التى لاتستحق الجدال وتحويلها لمشكلة كبيرة ممايؤدى لطرد الأب لإبنه من المنزل بدلا من إحتواء الموقف وفى هذه الحالة قد تطلب الأم الطلاق وتتفاقم المشكلة أكثر.
كما يلعب إبتعاد الأم عن إبنتها فى أكثر الفترات إحتياجا لها بحجة العمل والخروج الدائم مع صديقاتها و الجمعيات الخيرية وعدم توازن الأم بين عملها وأسرتها بتغليب العمل على الأسرة يؤدى لكوارث لا يعلم مداها إلا الله.
كما تلعب ثقافة المقارنة التى يمارسها الكثير من الأباء مع أبنائهم بمقارنة الإبن بأقارنه من أبناء الأقارب والجيران أو مقارنة الأخوة ببعضهم البعض وعدم الأخذ فى الأعتبارأن لكل شخص أفكاره ومعتقداته وشخصيته المستقلة.
غياب القدوة الحسنة سواء فى المنزل أوالمدرسة وخلافه فبعض الأباء لا يصلحون أساسا بأن يكونوا أباء بسبب تصرفات المراهقة التى قد يقوم بها الأب أو الأم أمام أبنائه مما يفقده إحترامه لذاته أمام أبنائه وأمام الأخرين.
فالنتائج المترتبة على التباعد الفكرى والوجدانى للأباء والأبناء غالبا ماتكون وخيمة كلجوء الأبناء لمن يستمع إليهم ويفهمهم مما يؤدى للكثير من المشاكل والوقوع فى الأخطاء وإرتكاب الجرائم فهناك الكثير من الجرائم التى قامت بسبب مشادة كلامية بين الطرفين إنتهت بقتل أحدهم للأخر أو تهميش دور الأب وعدم الشعور بقيمته.
ويمكن التوصل للحلول لتلك المشكلة عن طريق يجب على الأباء بناء جسور من الثقة مع أبنائهم حتى يمكنهم مصداقتهم فلا يوجد أى عيب من أن ينزل الأب بمستوى تفكيره لمستوى تفكيرهم حتى يمكنه بعد ذلك أن يرتقى بمستواهم الفكرى والأخلاقى والتحاور معهم فى كافة الأمورحتى وأن كانت مخجلة ولا يقهرهم دائما حتى لاتحدث الكوارث ويلجئون لمن يعرفهم أمور لاتمس لديننا بأى صلة.
مع ضرورة إعطاء المساحة الكافية لهم للمشاركة فى كافة نواحى الحياة وذلك حتى يشعر الأبن أو الأبنه بإنتمائهم لتلك الأسرة والخوف عليها بالإضافة لعدم إدخال أى أطراف خارجية فى أى مشكلة تحدث بين أطراف الأسرة حتى لا يزداد الأمر سوء وعدم التعامل بنظام الأوامر والتعليمات وتعامل الأبناء مع الأباء بإحترام وعدم التطاول على أفكارهم وثقافاتهم بل العمل على توصيل أفكارك وأقناع الأخرين بهاحتى تجد مناصرين لك بدلا من خلق هجوم دائم والأعتراض على أى قول أو فعل تقوم به.
رابط المقالة على جريدة الأهرام



إرسال تعليق