الغزو الفكرى للإعلام العربى.. بقلم: سهاد الخضري
ما تمارسه إسرائيل ضد الدول العربية الأن غزوا فكريا وليس حرب عسكرى كسابق عهدها تعاونها فى ذلك بعض الدول الغربية وأصحاب المصالح من العرب عن طريق الغزو الأعلامى بشتى وسائله .
فقامت بنشر القنوات الفضائية فى الكثير من الدول والتى يمتلكها مجموعة من الأشخاص يطلقون على أنفسهم إعلامين وهم فى الحقيقة بعيدين تماما عن الدراسة الأعلامية والهدف الأعلامى الشريف.
فالهدف من وراء دخولهم هذا المجال هو الكسب المادى فقط ، أو نشر أفكار مسمومة بين البلدان العربية، وتشويش أفكار شبابنا الذين هم بناة المستقبل.
فقد يعتقد البعض أن ليس لديهم خطة محددة ولكن فى الحقيقة لديهم خطة مدروسة يعملون على تحقيقها ،فقد أختاروا من التليفزيون وسيلة مرئية سريعة الأنتشار فهو بمثابة الضيف الذى يدخل بيوتنا دون أستئذان .
فقام بتدمير أفكار الكثير من أبنائنا لما يقوم ببثه من مواد أعلامية تعمل على نشر الجريمة والفساد وإنتشار الرذيلة بين ضعاف النفوس.
كما قام بتشويه صورة الكثير من الدول العربية بما يذيعه من أفلام ومسلسلات وكليبات وبرامج الهدف الأساسى من ورائها هو الربح وزعزعة الدين والقيم لدى شبابنا ليكونوا فريسة سهلة يمكن تدميرها فى أى وقت بما يتم نشره من إباحيات ، والذى صور المرأة العربية بصورة مبتذلة بالرغم من تكريم الدين الإسلامى للمرأة جاء البعض وصورها بشكل مبتذل وكأن كل النساء العربيات صورة من راقصة ما أوفنانة مشهورة بالرغم من وجود نماذج حسنة يمكن إتخاذها كقدوة.
فأصبح التليفزيون الأن يقوم بدور الجليس والمربى فى ظل غياب دور الأم وإنشغالها بالجرى وراء تحقيق ذاتها والخروج مع صديقاتها وتناست دورها كأم من واجبها تربية أبنائها والمحافظة عليهم وتقسيم وقتها بين أسرتها وعملها مع إعطاء الأولوية لأسرتها طالما أنها قبلت أن تكون أم وزوجة فى يوم من الأيام .
وحتى فى ظل وجود الأبوين أصبح التليفزيون المنافس الأول للأسرة وللدور التربوى كالمدرسة والجامعة فأصبح يشكل عقلية الطفل وشخصيته لأنه بالرغم من وجود الوالدين إلا أنهم دائما منشغلين عن أبنائهم.
فنجد الأم تترك طفلها يشاهد أفلام الكرتون بما يبثه من فساد وتصرفات غير لائقة تؤثربالسلب على شخصيتة لما
يشاهده من مناظر يصعب على طفل رؤيتها فى هذا السن الصغير.
ماذا ننتظر من أطفال تم تنشئتهم على أفلام الكرتون والأغانى والمسلسلات فى وقت يحتاج الطفل إلى تنمية مهاراته الفكرية والجسدية؟؟؟
أن يكون فى مرحلة الشباب إنسان واعى صالح لمجتمعه وكل ما يشاهده يوميا أفلام كلها عنف وقتل وأنواع مختلفة من الجرائم!!!
فالكثير من الأسر العربية تجتمع يوميا حول التليفاز لمشاهدة ما يتم بثه من مسلسلات أو أفلام وقد يكون هذا الوقت هو الوقت الوحيد الذى تتجمع فيه الأسرة يوميا بهدف التواصل الأجتماعى بينهم ولكن ما يحدث هوالعكس وهو زيادة الفجوة بين الأباء والأبناء.
ففى الوقت الحالى يلعب الأعلام دورا سلبى بتوجيه نظر الكثير من الشباب تجاه أمور لم يكن يعلم عنها شئ ولكن مع أنتشار الكثير من الفضائيات التى لا تبث إلا الفضائح والأباحيات والدجل والشعوذة على الناس بتنظيمها لمسابقات وهمية تضحك بها على عقول الكثير ممن يجرون وراء المال فمع الفقر قد يتعلق الأنسان بخيط رفيع يجعله يجرى وراء السراب أملا فى الفوز بغسالة أو ثلاجة أو مبلغ من المال ليساعدة على متطلبات الحياة دون إستيعاب الرسالة الأعلانية .
فكل ذلك يتم إفتعاله من أجل إلهاء الشباب عن القضايا والمشاكل الحقيقية للوطن سواء الداخلية أو الخارجية كمناصرة لقضية الفلسطنية ومطالبة العرب بحقهم فى عروبتهم المسلوبة فهذا سم جديد تبثه إسرائيل وغيرها من الدول الأخرى المعاونة لها من أجل تحطيم أى أمل لدى شبابنا والتشكيك فى هويتهم العربية بما يتم بثه من مواد أعلامية تختلف تماما عن عاداتنا وتقاليدنا فتجعل شبابنا حائرين بين ماهوصحيح وماهو خاطئ.
بالإضافة إلى الفتاوى التى تصدر على لسان الكثير ممن ليسوا أهلا لقول فتوى دينية وكأن الدين أصبح مادة أعلامية قابلة للنقاش والمجادلة فمن المفترض أن الدين من الثوابت التى لا يوجد فيها جدال أو رأى أصوب من الأخر.
وعلاوة على ذلك مشاهد العرى والألفاظ البذيئة البعيدة تماما عن الأحترام والتى نشاهدها فى الكثير من أفلامنا ومسلسلاتنا بالأضافة للمسلسلات المدبلجة والتى تعطى أنطباع سيئ عن البلد المنتج وذلك لأن ما يتم إذاعته هو سفير للبلد التى خرج منها هؤلاء الممثلين
فعندما يعترض أحد على مايتم بثه من أعمال فنية أو برامج تدعو للإسفاف يكون الرد أن من يعترض فهو جاهل.
هل التحضر أصبح لدى البعض هو العرى والسير على منهج الفسق ونشرالأباحيات؟؟
مع إنتشار الفضائيات والنت ساعد ذلك على تغليب العادات والتقاليد الغربية والتى تختلف تماما عن عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة وأستبدال ثقافة القراءة بثقافة النت وغرف الدردشة وفيها يتم التحدث عن نوع أخر من الثقافة وهو الثقافة الجنسية التى أصبح الحديث عنها فى الوقت الحالى بين الكثير من الشباب بدلا من التحدث فى موضوع مفيد يخدم جميع الأطراف ويزيد من القدرة العقلية للفرد .
مماأدى ذلك لتراجع مفهوم القومية العربية وتغليب الثقافة الغربية وإستخدام كل ماهو مسئ بها.
الهدف من وراء ذلك هو خلق جيل بلاهدف جاهل لشؤونه العربية والدينية مشغول بكل ماهو تافه من مسلسلات وبرامج ساقطة فأصبح الكثير من شبابنا تائه وسط مايتم بثه يوميا من قضايا تافهة ولا تعود عليه بالنفع هذا مع غياب الدور التربوى والأسرى لتلاهيها عن أبنائها وإنشغال كلا الطرفين بأمور أخرى يجدون أنها الأهم لتدبير نفقات الحياة متناسين أن العنصر البشرى"الأبناء" هو أهم شئ .
أصبح للأعلام دور بارز فى ظل غياب دور الأسرة والدور التربوى متمثل فى المدارس و الجامعات فقد تم إجراء دراسة على الأطفال المصريين وجد إن الطفل يقضى أسبوعيا 28ساعة أمام التلفاز مع أنه فى الواقع قد تجد الكثير من الشباب والأطفال يقضون أكثر من ذلك بكثير فى مشاهدة التليفزيون وأستخدام الشات مما أدى لفقدان لغة الحوار بين الأسر فقد نجد أن الأب أو الأم لا يتحدثون مع أبنائهم أكثرمن نصف ساعة يوميا فى أمور الحياة بعيدا عن التليفزيون.
فقد لعب الأعلام الغربى على الوتر الحساس لدى الكثير من الشباب وهو كل ماهوممنوع مرغوب وذلك لأنه تم تنشئتنا على عادات وتقاليد معينة تختلف عن العادات والتقاليد الغربية .
مهما وصلنا لمراحل التقدم لن نصل للمرحلة المتحررة عندهم فما يقوم به الإعلام الغربى من بثه لأفلام ومشاهد لأثارة غرائز الكثير من الشباب الذين إبتعدوا عن دينهم وإلتهوا بكل ماهو فاسد وبذئ ويرجع ذلك لغياب دور الأسرة وعدم التنشئة الدينية السليمة وغياب الرقابة الأعلامية عن الكثير من الفضائيات.
فأين دور رقابة المصنفات الفنية مع أنتشار الكثير من القنوات الفضائية التى تبث الأغانى الهابطة والأفلام الجنسية السفيهة؟؟؟
فللأسف هناك الكثير من القنوات يمولها شخصيات عربية ولكنهم باعوا عروبتهم وأخلاقهم من أجل الشهرة والمال.
فى الوقت الحالى أصبح التليفزيون والفضائيات يشكل شخصية ومعتقدات الكبير والصغير ويحدد لهم ما هوصحيح وماهو خاطئ بما تبثه من برامج سواء كانت سياسة أو دينية أو حوارية "التوك شو"مما يجعل الخروج عنها غير صحيح.
الكثير من شبابنا تنكر لعروبته جريا وراء المظاهر الكاذبة والأراء الخادعة والكلام المعسول متشبها بالغرب نتيجة للتفاعل مع مايتم عرضه من دراما وأفلام تصور المجرم بالبطل.
فقد أحتلت مشاهد العنف والجريمة والأعتداءات المركز الأول بين برامج التلفزيون المصرى بالأضافة لما تحتوية أفلام الكرتون من مشاهد عنف ورومانسية بطريقة مبتذلة.
ومن ضمن السلبيات التى نتجت عن أنتشار بعض القنوات الفضائية التى تبث الأعلام بصورة سلبية الكذب ،الخداع ، الخيانة الزوجية ،وإنعدام التواصل الأجتماعى وزعزعة المعتقدات الدينية .
لإصلاح الوضع القائم لابد من تدخل الأسرة بشكل فعال فى مشاكل أبنائهم، التحاور معهم ببناء قنوات للتواصل بينهم ،وتفعيل الدور الرقابى بعدم السماح بأنشاء أى قناة فضائية يكون الهدف من ورائها غير معروف وواضح، التمسك بالدين والأبتعاد عن كل ماهو مبتذل.
رابط المقالة على جريدة الأهرام



إرسال تعليق