Sohad Elkhodary
 القنبلة الموقوته
بقلم:
سهاد الخضرى

أنها واحدة من أكثر المشاكل التى أصبحت متواجدة على الساحة وتؤرق الكثير من الدول وخاصة الدول النامية والتى لم يتم التوصل لحل جذرى بشأنها إلا وهى أطفال الشوارع الذين أصبحوا كالقنبلة الموقوته والتى يمكن أن تنفجر فى أى لحظة وتدمر كل شئ إذا لم يتم أخذ هذه الكارثة فى الأعتبار ومحاولة أيجاد الحلول لها.
فلا يكاد يخلو شارع واحد من شوارع العالم إلا وتجد فيه أطفال الشوارع منتشرين فى كل مكان حتى فى الدول المتقدمة كأمريكا وغيرها.
فجميعهم وأن كانوا مختلفين فى أشكالهم ولكنهم متفقين جميعا فى معاناتهم لنفس المأساة والحياة التى تنقصها كل ملامح الإنسانية.
هؤلاء الأطفال يتعرضون دائما لأنواع مختلفة من العنف والإستغلال الجسدى والمادى بالأضافة لإستخدامهم فى التشكيلات العصابية والأرهابية كما يتم توظيفهم فى أعمال التسول والدعارة.
فقد عرفت الأمم المتحدة أطفال الشوارع بأنه أى طفل سواء كان ذكر أو أنثى ويتخذ من الشارع مأوى له معتمد على نفسه فى
مسكنه ومأكله ومشربه .
حيث ينقسم أطفال الشوارع إلى نوعين: النوع الأول وهو من له إتصال دائم بإسرته ولكنه خرج للعمل بالشوارع.
ونوع أخر أصبحت كل حياته بالشارع حيث يحيا حياة كاملة فيه.
فمنهم المتسولين فى الشوارع ،الباعة الجائلين ومن يطرقون عليك شباك السيارة ،أومن يأكلون من القمامة ومن ينامون تحت الكبارى أو فى القطارات القديمة ومن يمسحون الأحذية أو يغسلون السيارات وقد تجدهم عند أبواب المساجد والكنائس.
أما عن أسباب هذه الظاهرة فهى كثيرة ومنها الفقر الذى يؤدى بالكثير من العائلات أن تخرج أبنائها للعمل فى الشارع وزيادة السكان وأرتفاع أعداد الأسرة والطلاق والزنا والزواج العرفى وإنفصال الوالدين وغياب الضمير والتسرب من التعليم وغياب دور الأسرة والمشاكل المستمرة بين الزوجين.
والنتائج المترتبة على هذه الظاهرة كثيرة ومنها مخاطر نفسية كالحقد والكراهية للمجتمع الذى نشأوا فيه والشعور بالظلم من باقى أفراد المجتمع.
مخاطر صحية كأمراض الدرن والسرطان وأمراض القلب والرئة، ومخاطر جسدية كالإستغلال الجنسى وسرقة الأعضاء والتحرشات الجنسية والتعرض لحوادث السيارات.
هناك دراسة قد أعدها الصندوق التابع للأمم المتحدة لرعاية الطفولة حيث يبلغ عدد أطفال الشوارع 86طفل.
فطفل الشارع هو أى طفل يقل عمره عن 17سنة ولا يلقى رعاية أو دعما ماديا أو نفسى أو عاطفى كما عرفته اليونيسيف ولكن الواقع يثبت عكس هذه الدراسة لأن هناك أطفال يتم والدتهم فى الشارع وهم ما يطلق عليهم لقطاء الناتجين عن الخطيئة وأطفال أقل من سن 5سنوات ويعيشون فى الشارع.
فالفتاة هى أكثر أطفال الشوارع تعرضا لكافة أنواع الإستغلال ومنها المادى والجنسى حيث تعانى من سوء المعاملة والحرمان من أجل توفيرلقمة العيش فتمارس التسول والخدمة فى المنازل والعمل فى المحال التجارية بالإضافة لما يتعرض له هؤلاء الأطفال المحتجزين لدى الشرطة من ضرب وإيذاء جنسى أو أبتزازعلى يد رجال الشرطة والمحتجزين الجنائين .
وعند جولتى فى الشوارع تقابلت مع مجموعة من المقيمين بالشوارع ومنهم م.ش وهورجل متزوج ولدية الأبناء من محافظة أسيوط وهويشكو من مرض الدرن ويأخذ علاج ولكنه عاد إليه مرة أخرى وقد طرده صاحب العقار من شقته بدون وجه حق وقد تحالف معه سكان المنطقة وهو الأن سكين الشارع ولا يأجد مأوى له فيفترش الطرقات أو ينام على الأرصفة.
ومع شخص أخر من المقيمين فى الشوارع سألته ما الذى جعلك تترك بيتك وتحيا حياة كاملة فى الشارع؟
فحكى لى قصته قائلا أنا تركت منزلنا منذ 7سنوات فأمى ميته وأبى حى ولكنه تزوج من أخرى وزوجة أبى تعاملنى أسوء معاملة وتفتعل لى المشاكل دائما مع أبي ولى أختين وأتمنى أن أراهم فمنذ تركى للمنزل لم أراهم ولم أعلم عنهم أى شئ وعندى الأن 23سنة وقضيت فى الإصلاحية 5 سنوات وأنام دائما فى الشارع وكل ما أتمناه أن تتركنى الشرطة فى حالى وحاسس أن الدنيا سوده فى وجهى نفسى أعيش مع أخواتى البنات فى بيت واحد ونترك البيت لأبى وزوجته وأنا كفيل بمصاريفهم لانى مش أحب أسمع أى كلمة تحرجنى نفسى أحس برجولتى حتى لو كانت أمام أخواتى أوأى شخص ليس له قيمة عندى .
يوم لما تركت البيت سيارة خبطتنى ومن يومها مفيش أى شخص يعلم عنى حاجة فكنت أتمنى أبى هو اللى يموت وأمى تعيش فأنا عملت كل حاجة وحشة وشربت المخدرات ونمت فى الشوارع على الأرصفة وتحت الكبارى.
مفيش أى شغلانه إلا وأشتغلتها، حاسس أن ربنا غضبان على ومش هيسامحنى لانى عملت حاجات كثير غلط فكل ما أتمناه أن أرى أخواتى وأعيش معاهم والحكومة تتركنى فى حالى أنا لم أعد أعمل أى حاجة وحشة خلاص.
ومع طلفتين تحدثت إليهن وعرفت أنهن تقومان ببيع المناديل فى الشوارع فأحدهن عمرها 13سنة ولها أخين يقومان بضربها إذا لم توافق على بيع المناديل فهى تريد أن تكمل دراستها وتصبح دكتورة ولكن أهلها يفرضوا عليها أن تقوم ببيع المناديل
حتى يقوموا بتحصيل أى مبالغ منها.
وا لأخرى عمرها 8 سنوات ولديها من الأخوات4بنات ولكن أعمارهن تتراوح بين 10و18سنة وأبيهم مزارع ويفرض عليهن العمل كبائعات للمناديل بالإضافة للأم نفسها والتى تعمل كبائعة للمناديل أيضا وتتمنى أن يكون حظ بناتها أفضل منها ويكملن دراستهن.
فهناك تسأولات كثيرة أردت طرحها
أين دور منظمات الرعاية كالأحداث ودار الأيتام ؟؟
إذا كان يتم أستغلال براءة هؤلاء الأطفال وأستغلالهم جسديا ومعنويا بدلا من المحافظة عليهم ومحاولة أصلاح مايمكن أصلاحه حتى يكونوا كأى طفل سوى.
أين دور الأسر التى تنجب أبنائها وتلقى بهم فى الشوارع حتى يتم الحصول على الأموال فهناك من يقوموا ببيع بناتهم لأى شخص لمجرد الحصول على المال وبعد ذلك
تكتشف الفتاة أنها كانت ضحية للعبة رخيصة وأنها غير متزوجة أصلا وتنجب أطفال لقطاء لا يعترف بهم المجتمع وكأن بناتنا أصبحوا سلعة تباع وتشترى.
أين دور الشرطة التى بدلا من أن تعاقب المجرم والأطفال المخطئين فى الأحداث تخرجهم أشد إجراما؟؟
فهناك بعض أمناء الشرطة والضباط والذين يسؤون للشرطة وللبلد حيث يقومون بتجنيد هؤلاء المجرمين كمرشدين لهم مقابل تركهم يمارسون كافة أنواع الإجرام ويستغلون هؤلاء الأطفال جسديا ومعنويا.
فلابد من تغير نظرة المجتمع لهؤلاء الأطفال وتقديم سبل الرعاية لهم حتى يتم خلق أشخاص صالحين للبلد بدلا من تحويلهم كقنابل موقوتة أول من ستئذى المجتمع الذى أساء إليهم فى يوم من الأيام.

رابط المقالة على عرب بوست وجريدة الأهرام المصرية
0 Responses

إرسال تعليق