Sohad Elkhodary
نداهة هذا العصر.. بقلم: سهاد الخضري

واحد من أكثر الأمراض أنتشارا فى الفترة الحالية فقد أطلق عليه الكثير من الأطباء نداهة هذا العصر وذلك لأنه يخطف الطفل من أسرته والمحيطين به ويخرجه عن عالمنا الذى نعيش فيه أنه مرض التوحد أو ما يطلق عليه "الذاتوية". فما جعلنى أن أكتب اليوم عن هذا المرض هو معرفتى بأشخاص مرضى به لأكثر من سبع سنوات.

فقد ظهر هذا المرض فى الأربعنيات من القرن الماضى ولكنه كان يعرف بين العائلات الملكية إما الأشخاص العادين لم يكونوا يعلمون عنه شئ فقد أنتشرهذا المرض فى الوطن العربى وخاصة منطقة الخليج خلال السنوات الأخيرة الماضية.
فهناك خطأ شائع وهو الخلط بين مرض التوحد والتخلف العقلى!! ولكن الدراسات العلمية قد أثبتت أن التوحد يختلف تماما عن الإعاقة الذهنية فالتوحد مرض نفسى وليس جسدى يصيب الطفل فى مرحلة مبكرة من عمره قبل بلوغه 3سنوات حيث يتم إكتشافه فى سن متأخر بسبب أن أعراضه لاتظهر إلا فى مرحلة متقدمة مما يؤدى إلا إنخفاض نسبة شفائه فحوالى 70%من مرضى التوحد تكون لديهم إعاقة عقلية لان التوحد فى حد ذاته إعاقة يصاحبه إعاقات أخرى لأنه يفقد المريض قدر كبير من الذكاء والقدرة على التكيف مع البيئة المحيطة.
فبنسبة30%من المرضى يمكنهم الشفاء منه فبعضهم لدية قدرة عقلية ذكية قد تفوق المعدلات الطبيعية فى الكثير من الأحيان.
إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت أنه ليس كل المصابين بالتوحد مستوى ذكائهم منخفض فهناك 25%من المصابين به ذكائهم فى حدود المعدلات الطبيعية له.
التوحد يعنى خلل فى وظائف المخ المسؤلة عن التعامل والتواصل الأجتماعى مما يؤدى إلى إختلال العلاقة بين مراكز الدماغ المسؤلة عن هذه الوظائف.
فيؤثرعلى الطريقة التى يتحدث بها وعلى مهاراته الأجتماعية وإختلاطة بالأخرين فهو يصيب واحد كل 500طفل وليس له أى علاقة بالظروف الأجتماعية أو التعليمية أو الأقتصادية للعائلة حيث ترتفع الأصابة بين الذكور بنسبة أعلى من الأناث تصل إلى 4أضعاف فقد وصل عدد المصابين به فى مصر إلى 363 ألف طفل رغم التطور العلمى الحادث فى هذه الفترة.
و من أنواع هذا المرض التوحد التقليدى ،أضطراب أسبرجر ،أضطراب ريتر،الأضطراب التفككى.
فبالرغم من أننا أصبحنا فى القرن الحادى والعشرين ولكنه لم يتم التوصل بعد للأسباب الحقيقية وراء الأصابة بهذا المرض، فالأبحاث العلمية التى تم إجرائها لم تعطى نتائج مؤكدة حول الأسباب المباشرة للأصابة به.
رغم أن هناك الكثير من الأبحاث التى أكدت أن وراء الأصابة به مجموعة من العوامل غير المباشرة ومنها تناول السيدة الحامل لأدوية معينة أو أصابتها بمرض الحصبة الألمانى أثناء فترة الحمل فقد ذكر البعض أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية أو العوامل الجينية أوعوامل مرتبطة بتلوث البيئة كالمعادن وراء الأصابة به ولكن حتى الأن لم يتم أثبات مدى صحة هذا الكلام.
ومن أعراض الأصابة به أعراض مرتبطة بالناحية الأجتماعية مثل: عدم تكوينه لعلاقات إجتماعية حيث يلجأ دائما للعزلة فغالبا مايرتبط بشخص واحد فقط أما والده أو والدته أو أى شخص أخريشعر بالطمأنينة إتجاهه ،عدم قدرته للتعبيرعن ذاته وعدم السماح للأخرين بالتدخل فى شؤونه،وكذلك عدم مشاركته للأخرين فى ألعابهم.
إستجاباته ضعيفة للأثار الحسية فلا ينظر للأخرين عندما يقومون بالتحدث إليه فيقوم بتوجيه نظره فى أى إتجاه أخر خلاف المكان الذى يوجد فيه المتحدث إليه ولا يستمع لكلام أحد وكأنه فى عالم أخر فإذا رأى والدته تبكى لا ينظر إليها .
وبالنسبة للأعراض الحسية فتتمثل فى أنه قد يكون أكثر حساسية من المعتاد للأمور وقد يكون أقل حساسية لها فلا يستطيع التعبير عن ألمه، حيث يقوم بضرب رأسه بالحائط دون سبب واضح.
كما يتميز بضعف التواصل اللغوى فأغلب كلامه يكون غير مفهوم والألفاظ غير واضحة حيث يتواصل عن طريق الأشارات بدلا من الكلام كما أن تركيزه لا يدوم كثيرا حيث يقوم بترديد أخر كلمة فى الجملة التى سمعها ويقوم بالخلط بين الضمائر فيقول أنت بدلا من أنا.
ومن ضمن الأعراض أيضا التبول اللإرادى ،شرب السوائل بكثرة ،الأصابة بالهلع عند سماع أصوات التليفزيون أو الراديو،يأكل أشياء معينة ،الأستيقاظ ليلا وهو يهز رأسه، لايرفع زراعية حتى يحمله والديه.
إماعن طرق العلاج بما أن المرض حتى الأن لم يتم التعرف على الأسباب الحقيقة وراء الإصابة به فإن نسبة الشفاء منه ضعيفة حيث يعتمد العلاج على المريض نفسه وليس على الطبيب المعالج.
كما أنه لا يوجد برنامج علاجى واحد يمكن تطبيقه على جميع الحالات فكلما تم تشخيص المرض مبكرا كلما كان ذلك أفضل حيث تكون نسبة التماثل للشفاء مرتفعة أو حتى التقليل من أعراضه فأفضل سن للعلاج من المرض هو قبل سن الخمس سنوات. فهناك التدخل العلاجى والبرامج التربوية التى يتم تطبيقها بإدماج الطفل فى المجتمع وذلك لتنمية مهاراته الأجتماعية والتغلب على المشاكل الحسية بتنظيم أنشطة لتهدئة الأعصاب كسماع الموسيقى ومشاهدة التليفزيون كما يجب الإستفادة من خاصية يتمتع بها الكثير من مرضى التوحد وهى القدرة الغريبة على حفظ الأرقام والعد السريع لها بتكوين المكعبات وعلب فارغة للتطوير من مهاراته البصرية والذهنية كما يجب الأهتمام بالنطق وهذا جزء من برنامج علاجى طويل يجب أن تدار تلك البرامج بواسطة أطباء وأخصائين مدربين على أعلى مستوى.
كمالايتم إغفال دور الأسرة وخاصة الأم لأن هناك تصرفات ويقوم بها الطفل أو أعراض معينة تظهر عليه يجب أن تبلغ بها الطبيب المعالج لأن الأعراض التى سبق وقمنا بشرحها لا تنطبق على جميع المرضى ولا تظهر جميعها مرة واحدة.
فبعض الأباء تقوم بالقسوة على أبنها المريض بالتعرض بالضرب الجسدى له فيجب عدم التعرض لمريض التوحد بضربه جسديا لأن أقل فعل يمكن أن يدفعة لمزيد من الأحباط مما يؤدى لأنتكاسات ذهنية حادة لأن مريض التوحد أكثر الأشخاص تعرضا للأصابة بالصرع .

فالزواج من حيث المبدأ ممكن بالنسبة لمريض التوحد ولكن بشروط وهى أن يعتمد على عدد من الأمور منها مستوى قدراته العقلية ومهاراته المعرفية والأدراكية وأن يكون قادر على تحمل المسؤلية و أن تكون قدراته العقلية تؤهله للقيام بواجباته نحو أسرته كما سبق وقد ذكرنا أن أن هناك نسبة 30% من المرضى قدرتهم العقلية فى حدودالمعدلات الطبيعية فإذا توفرت تلك الشروط لايوجد ما يمنع زواجهم.
كما يجب أن يتم معاملة مريض التوحد بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التى يعامل بها الطفل العادى لأن دماغة لاتفسر الأمور بنفس الطريقة التى يفسرها الأطفال العادين حيث أنه لا يهتم بالخطر فمن الممكن أن يقوم بإذاء نفسه ولا يشعر بذلك فيجب أن يكون فى أسرة عدد أفرادها قليلين لأنه يحتاج للرعاية خاصة.


رابط المقالة على أخبار العرب
0 Responses

إرسال تعليق